سياسة

المقاومة ستمنع العدو من استخراج غاز “كاريش” إن توقفت “توتال”!

خبير لـ"أحوال": الاتفاق "تقاسم ثروة" لا ترسيم حدود

بلغ التفاهم على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي مراحله النهائية ووضع اللمسات الأخيرة بانتظار ترتيبات تبادل توقيع الطرفين للنسخة الأميركية للتفاهم كل على حدة في الناقورة خلال أسبوعين.

وقد كان لافتاً الاهتمام الأميركي والفرنسي بإنجاز هذا الاتفاق خلال وقت قصير واتصالات التهنئة لا سيما الاتصال الذي اجراه الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الجمهورية ميشال عون، ما قد يفتح مرحلة اقتصادية وسياسية واعدة في لبنان خلال العامين المقبلين، إن استكملت مراحل الأخيرة.

إلا أن هذه التفاهم الذي يضمن الأميركيون تنفيذه على أرض الواقع، ينقسم حوله المحللون السياسيون في لبنان وكيان الاحتلال.. هل جاء لمصلحة لبنان أم لمصلحة العدو الإسرائيلي أم للطرفين معاً؟ ووفق أي صفة قانونية دولية يندرج؟

جهات سياسية واكبت المفاوضات الأخيرة في الاتفاق، تكشف لـ”أحوال” أن “موقف لبنان كان صلباً بدرجة عالية، ورفض الكثير من الطروحات الإسرائيلية والألغام التي حاول العدو زرعها في متن التفاهم، وكاد الخلاف حول عبارات ومفاهيم ينسف الاتفاق برمته، لكن الوسيط الأميركي أنقذ الموقف أكثر من مرة، حتى تم اخراج الصيفة النهاية الى العلن”. وتلفت الى أن “الاتفاق جاء حصيلة تقاطع مصالح أميركي – أوروبي بالدرجة الأولى مع مصلحة لبنانية وإسرائيلية باستثمار المنطقة الاقتصادية أكان في لبنان أو في فلسطين المحتلة”، لذلك ترى الجهات أن “الحاجة الأوروبية الماسة للغاز بسبب الحرب الروسية الأوكرانية دفع بالأميركيين الى تأمين بدائل من البحر المتوسط والعمل على حصار روسيا اقتصادياً تمهيداً لتطويعها سياسياً”.

لكن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لم يخفِ مخاوفه من حصول مفاجآت غير متوقعة قبل التوقيع النهائي على الاتفاق وفي مراحل تنفيذه. لذلك أعلن أمس أن المقاومة تراقب ومستعدة للتدخل لأي أمر قد يعرقل الاتفاق.

وتكشف جهات سياسية عبر “أحوال” أن لبنان تلقى ضمانات أميركية وفرنسية بأن إسرائيل ستوقع الاتفاق في الناقورة ولن تتراجع، وكذلك ضمانات بالتنفيذ.

وتكشف أيضاً أن الوثيقة النهائية للاتفاق واضافة الى ترسيم المنطقة الاقتصادية من الناحية التقنية والقانونية، ستتضمن تعهداً من الطرفين اللبناني والإسرائيلي الالتزام بالتنفيذ الذي يشمل بشقه الأول السماح لإسرائيل بالعمل في حقل كاريش وفي شقه الثاني السماح للشركات الأجنبية استكمال التنقيب والاستخراج في الحقول اللبنانية، وبالتالي أي إخلال من قبل الشركات بهذا البند سيسمح للمقاومة بتعطيل الشق الأول من الاتفاق. وما وجود وفد شركة توتال الفرنسية في لبنان بالتزامن مع توقيع التفاهم وقبل اطلالة السيد نصرالله إلا دليل على هذا الأمر.

ويشير الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور أمين حطيط لـ”أحوال” الى أن الاتفاق يندرج من الوجهة القانونية والعسكرية في اطار “تفاهم تقاسم الثروة”، وبالنسبة لبنان كان بإمكانه أن يُحصّل أكثر من الحقوق لو أحسن إدارة الملف منذ العام 2007، لكن سياق الأخطاء والتنازلات التراكمي لمدة سنوات والظروف الاقتصادية والحصار الخارجي للبنان السياسي والمالي، مكن العدو من فرض تنازلات على لبنان، لكن لبنان أنقذ في الربع الساعة الأخير حقوقاً كادت أن تضيع، بسبب تعرضه لحرب مالية منذ 4 سنوات، لكن توقيع التفاهم يشكل خرقاً للحرب الاقتصادية، واستئناف شركة توتال أعمالها بعدما توقفت في العام 2019 بضغط أميركي.

ويلفت حطيط الى أن لبنان منع بضغط خارجي من توقيع مرسوم تعديل الحدود البحرية 6433 وكذلك خط هوف كان العرض الأميركي الدائم لعشر سنوات والذي يقسم المنطقة ما بين الخطين 1 و23 بنسبة 55 في المئة للبنان و45 بالمئة للعدو، ولبنان رفض ذلك، واستند الى الخط 23”.

ويضيف العميد حطيط: “حاول العدو في آخر مراحل المفاوضات إحداث خرق هام وخطير في المسألة الحدودية الحقوقية، بالإطاحة باتفاقية “بوليه نيو كامب” الذي لم يذكرها اتفاق الاطار كمرجعية تفاوضية، وذلك بالتنكر لنقطتي الناقورة وب 1 لكن لبنان أجهض الأمر، كما أن الصيغة ما قبل الأخيرة منحت لإسرائيل حق عيني بحقل قانا وهذا يعني دخول لبنان في دائرة تطبيع اقتصادي مقنع خلافاً لسياساته المعلنة للعداء لإسرائيل”.

ولذلك يقول حطيط إن “لبنان استنقظ نفسه بالصيغة الأخيرة بأكبر الممكن من الحقوق ولم يتنازل عن حقوقه المكتسبة لا في الامن ولا الحدود ولا الأرض براً ولا البحر وكان بإمكانه أن يحصل أكثر فيما لو احسن تقليب الملف بشكل افضل”.

هل يمكن اعتبار هذا التفاهم اتفاقية أو معاهدة ويندرج ضمن المادة 52؟ وهل يصوت عليه مجلس النواب؟

يشدد حطيط على أنه “ليس باتفاقية ترسيم حدود ولا معاهدة، لان الاتفاقية تخضع لقواعد لم يحترمها هذا الاتفاق، لذلك التسمية القانونية هي تفاهم تقاسم ثروة يجري إنجازه عبر الرسائل الذي سيوقعها الطرفين بالناقورة”.

ويوضح حطيط أن “رئيس الجمهورية هو المخول دستورياً ضمن المادة 52 بتوقيع المعاهدات الخارجية لكن لن يعطي الاتفاق صفة المعاهدة، أما الوفد العسكري اللبناني الى الناقورة سيكون برئاسة ضابط لن تخرج صفته عن اطار اتفاقية الهدنة، ويوقع رئيس الجمهورية رسالة الى الأمم المتحدة لن يكون النص مرسوماً ولا قانوناً بل رسالة للبنان يعلم الأمم المتحدة موافقته على تقاسم الثروة مع إسرائيل”.

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى